الرئيسية

المؤسســة

القيم الديني

برامـج٬ خدمـات وإعانــات

مشاريع الدعم

رواق

اتصل بنا

إبداعات القيِّــــــــم

الثلاثاء 19 مارس 2024 الموافق 8 رمضان 1445

مقدمــة

  من أسمى الأهداف وأكبر الغايات التي تسعى مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين إلى إنجازها وإيجادها، هي تحقيق الكفاية المادية والمعنوية للقيم الديني، والإسهام في بناء كرامته وإبراز دوره الريادي في خدمة بيوت الله تعالى وفي إصلاح المجتمع.

  إن المؤسسة تدرك بأن الطريق إلى تحقيق هذه الأمنية طويل وشاق لا ينال بسهولة أو يحصل بيسر، وإنما يتطلب جهودا حثيثة من لدن كافة المهتمين ومن كل فئات المجتمع، بيد أنه يمكن اتخاذ بعض المبادرات العملية التي من شأنها أن تشكل نقطة تحول في بناء هذا الأمر ولفت الانتباه إليه، وفتح آفاق أرحب للتفكير في إيجاد السبل الكفيلة بتحويله إلى واقع معاش، تستفيد منه الأمة ويستفيد منه سائر أفراد المجتمع.

  ونحسب أن البحث عن مواهب القيمين الدينيين وإبداعاتهم في شتى المجالات، واكتشافها وتشجيعها ودعمها واستثمارها، واحد من تلك الوسائل التي يمكن أن يكون لها أثر بالغ في إبراز الدور المثالي للقيم الديني المسهم في بناء مجتمعه، والمنخرط بإيجابية في كل قضاياه وتحولاته ومتغيراته.

  إنه يجب منح الفرصة لهؤلاء القيمين كي يظهروا قدراتهم وابتكاراتهم وإبداعاتهم، ويقدموها للمجتمع بالشكل الذي يشعرهم بأهميتها ويقوي عزائمهم على صقلها وتنميتها وتطويرها خدمة للدين وللوطن.

  ومما لا شك فيه أن المبدعين من القيمين الدينيين كثيرون، وربما في مجالات لا تخطر على بال، لكن المشكلة ليست في كثرتهم ولا في مجالات إبداعهم، بل تكمن أساسا في كيفية اكتشافهم أولا، ثم في رعايتهم وحسن استثمارهم والاستفادة منهم ثانيا، ومن هنا جاءت فكرة هذا المشروع: "إبداعات القيمين الدينيين من الاكتشاف إلى الاستثمار الأمثل" لتضع لبنة أولى في عمل يهدف إلى:

    • اكتشاف القيمين الدينيين المبدعين في كل الميادين والمجالات التي لها صلة بخدمة الدين وقضايا المجتمع.
    •  رعايتهم وتشجيعهم ودعمهم ماديا ومعنويا.
    • إبراز ما يتمتعون به من قدرات ومواهب تسهم في تغيير تلك النظرة السلبية التي تنتقص من قدرهم وشأنهم.
    • انتقاء أجود المبدعين واستثمارهم فيما يعود بالنفع عليهم وعلى المؤسسة وعلى المجتمع بأسره.
    • تشجيع كل القيمين الدينيين على الابتكار والإبداع، وإشعارهم بأن هناك جهة رسمية ترعاهم وتتبنى أفكارهم وتعرف بها وتنشرها على أوسع نطاق ممكن.

  إنه مما يجب التنويه به في هذا السياق، هو أن القيمين الدينيين كانوا دائما يضطلعون بأدوار كبرى في خدمة المجتمع، وبطرق إبداعية لا تكاد توجد عند غيرهم، خاصة فيما يتعلق بنشر الثقافة الإسلامية المعتدلة، وجمع كلمة الناس على الخير والإصلاح بينهم، وإثارة عواطفهم نحو البذل والاجتهاد في العمل الصالح والتعاون على البر والتقوى... لكن يجب الاعتراف أيضا بأن هذا الدور صار أقل بكثير مما هو مطلوب ومما هو ممكن أيضا، لذلك وجب البحث والعمل على التجديد المستمر الذي يتلاءم مع كثرة الأحداث وتزاحم الوقائع والتطورات التي تجتاح الأمة؛ والمؤسسة إذ تتخذ هذه المبادرة، لتؤكد انفتاحها وحاجتها إلى كل من يمد لها يد العون والمساعدة في سعيها نحو الاستثمار الأمثل لكل الطاقات الإبداعية التي يتوفر عليها القيمون الدينيون، وجعلها أداة من أدوات الإصلاح المأمول وتحقيق التنمية البشرية المنشودة.

مجـالات الإبـداع

إن مجالات الإبداع التي نتحدث عنها تظل مفتوحة غير قابلة للتحديد أو التقييد، غير أن أهم تلك المجالات وأعظمها وأكثرها نفعا هو:

   1. ما كان في خدمة القضايا الكبرى للمجتمع بما يقوي شبكة العلاقات بين أفراده، وينشر بينهم قيم الخير والفضيلة والسلوك الرفيع، ويؤسس لنوع من الإصلاح الإيجابي المنشود، كما يوجه أبناء الأمة إلى تمثل النموذج الحضاري الأصيل للمغرب، ويطرح حلولا واقعية لبعض الأعطاب التي تعترض سبيل التقدم والنماء.
    2. أو ما كان في خدمة القيمين على بيوت الله مما من شأنه أن يعزز وجودهم، ويعرف بهم، ويوجه عناية الناس إليهم، اعترافا بفضلهم، وتقديرا لمنزلتهم ومكانتهم، وتحفيزا لهم على مواصلة جهودهم المباركة في خدمة الدين والوطن وصيانة الثوابت والمقدسات.
    3. ما كان في خدمة التوجهات العامة لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين التي تسعى إلى أن تكون مؤسسة مبدعة في العمل الاجتماعي، تقدم أرقى البرامج والخدمات لمنخرطيها في حلة تليق بمقامهم وشرفهم.  
إن رحلة المؤسسة نحو اكتشاف إبداعات القيمين الدينيين في مثل هذه القضايا، لا يعني بالضرورة أن هؤلاء القيمين سيأتون بشيء جديد لم يسبقوا إليه، أو يعالجون موضوعا لم تتم معالجته من قبل، وإنما يعني ذلك أساسا أنهم نظروا إلى ذلك الشيء أو إلى ذلك الموضوع بعيون جديدة، وحاولوا أن يقدموه لنا بطريقة فيها إبداع، وتختلف عما هو معهود ومألوف؛ وتتصور المؤسسة مجالات أربعة هي الأقرب لأن تكون موضوعا لإبداعات القيمين الدينيين، وهي:

    1. مجال البحث العلمي
    2. المجال الأدبي
    3. المجال الإعلامي
    4. المجال الفني

وهذه بعض المعالم العامة للإبداع المطلوب في كل مجال من تلك المجالات:

    أما مجال البحث العلمي، فهو تلكم التآليف العلمية الرصينة التي تؤلف في علم من العلوم، والإبداع المطلوب فيها لا يكاد يخرج عن مقاصد التأليف السبعة التي اتفق العلماء على أن التأليف لا يكون إلا من أجل واحد منها، إما شيء يخترعه لم يسبق إليه، وإما شيء ناقص يتمه، وإما شيء مستغلق يشرحه، وإما شيء طويل يختصره دون أن يخل بشيء من معانيه، وإما شيء متفرق يجمعه، وإما شيء مختلط يرتبه، وإما شيء أخطأ فيه صاحبه يصلحه.

أن يكون للقيمين الدينيين إسهامات إبداعية في مجال البحث العلمي، فهذا يعني أن هؤلاء القيمين يتوفرون على كل المؤهلات التي تجعلهم في مقدمة الركب الحضاري الذي يقود الأمة نحو الخير والصلاح، غير أن تلك الإسهامات قد يطالها الإهمال والنسيان أو تتعرض للضياع والضمور، إذا لم تجد سبيلا نحو الذيوع والانتشار؛ ومن هنا، فإن المؤسسة ستأخذ على عاتقها مهمة نشر تلك الإسهامات والتعريف بها وبأصحابها وبآثارها ونتائجها، على أنها قد تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فتنشئ دارا للنشر تكون مهمتها فقط هي نشر الأعمال الإبداعية للقيمين الدينيين.

ونؤكد في هذا السياق، أن المؤسسة منفتحة على كل أنواع العلوم والمعارف، وبكل اللغات واللهجات، على أن يتحقق شرط الإبداع والجدة في مضامينها ومحتوياتها.

    أما المجال الأدبي، فإنه يقصد به الإبداع في كتابة النصوص الأدبية نظما ونثرا وزجلا، بيانا وسحرا؛ خاصة تلك التي تتناول بالتدقيق والتحليل والتصوير الفني، مظاهر الثقافة المغربية وخصائصها الروحية في أعمال البر والتضامن والتعاون، مع صدق في العقيدة وتمسك قوي بروح الإسلام وبتعاليمه.

نحن في حاجة كبيرة إلى كتابات أدبية مبدعة تصف وحدتنا الدينية، وتعبر عن اتجاهاتنا وتصرفاتنا ومواقفنا من الحياة، وتبرز تلك النظرة الإيجابية التي تتخذ من الحياة الدنيا زادا للآخرة، حيث الثواب والخلود في الجنة لمن أخلص لربه وفعل ما أمره به، وعمّر حياته بكل نافع مفيد له ولأمته.

إننا نتطلع إلى أن يكون للقيمين الدينيين دور محوري في إثراء الحياة الأدبية المغربية المعاصرة، وإغنائها بكتابات تعالج موضوعات ذات صلة بقضايا الشباب والمرأة وتخليق الحياة العامة ومجابهة كل ألوان التخلف والانحلال التي تشوش على الهوية الثقافية المغربية الأصيلة، كما تعالج أيضا قضايا ترتبط بالشأن الديني وبالقيمين الدينيين على نحو يصف أحوالهم ويطور أداءهم ويجعلهم قبلة لكل فعل جميل وصنيع حسن.

    أما المجال الإعلامي، فنتصور أن الإبداع فيه سيكون أزكى نفعا، وأعم فائدة، وأكثر خيرا وبركة، ونقصد به:

تلكم المشاريع الإعلامية الهادفة التي من شأنها أن تجدد للناس معارفهم الدينية، وتسلك بهم سبيل التمسك بها من عفة وفضيلة، وإحسان ورحمة، وعلم وعمل، وصدق وأمانة؛ وتحارب من جهة أخرى كل أشكال الجهل بحقائق الدين، والجمود في فهمه، والإعراض عن العمل به أو الفتور في العمل.

إنه مما لا شك فيه أن ساحتنا الإعلامية -مثلا- تفتقر إلى برامج إعلامية وعظية ترقق القلوب وتلينها، وتربطها بخالقها ومولاها، وتحقق المقصود من الوعظ الذي بمجرد سماعه يحدث تغيير كبير على مستوى السامع، على نحو ما حدث به الصحابي الجليل العرباض بن سارية عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها الدموع...".

ساحتنا الإعلامية تفتقر إلى ذلكم الوعظ الذي يذكر الإنسان بأحوال نفسه، ويحثه على أن يعامل غيره بما يحب أن يعامل به في كل أنواع المعاملات التي لو استحضرها الناس واستشعروها وطبقوها، لكانوا في غنى عن كثير من المشكلات الحياتية التي تزعجهم وتسبب لهم القلق والاكتئاب: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما).

نحن في حاجة إلى الوعظ الذي يسهم في القضاء على كل التصرفات السيئة التي يمارسها الناس في حياتهم اليومية، ويتعايشون معها كما لو كانت أمرا عاديا لا يستوجب الإصلاح والتعديل، بينما الأمر ليس كذلك، وإنما هي تصرفات وجب إحداث قطيعة معها بالشكل الذي تصوره الآية الكريمة: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم).

ساحتنا الإعلامية في حاجة ماسة إلى نخبة من الوعاظ المبدعين الذين تحدث عنهم "دليل الإمام الخطيب والواعظ"، وذكر من أوصافهم أنهم يتمتعون بـ"الإيجابية الإنتاجية" أي المشاركة الفعالة في بناء المجتمع، والانخراط الصادق في تمتين نسيجه الاجتماعي... ويتمتعون أيضا بـ "النفسية الاستيعابية" التي تستوعب كل الناس على اختلاف ألوانهم ومشاربهم، وتتبناهم بحسناتهم وسيئاتهم، أي أنه يعتبر ما يتخبط الناس فيه من مشاكل، جزءا من مشاكله هو لا من مشاكل غيره، فيبادر إلى علاجها بإيجابية وصدق كما يعالج جرحا في جسده أو ألما في قلبه... وهذا معنى أصيل في الإسلام، أصله قول النبي صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إن كان ظالما؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره)؛ وعندما يكون ذلك عملا استيعابيا صادقا حقا، فإنه لا يكون استفزازيا ولا عشوائيا ولا انتقاميا، بل يكون عملا علاجيا حكيما هادئا مطمئنا بما ترسخ لدى صاحبه من نفسية استيعابية إيجابية تجاه وطنه وأمته، ويترتب عن ذلك -بصورة تلقائية- علاج النفسية المضادة، وهي "نفسية الانغلاق" و"نفسية الصدام" في المجال الديني والسياسي والاجتماعي.

      أما المجال الفني، فإنه يقصد به:

    1. يقصد به ما يرتبط بالفنون الصوتية، كالإبداع في قراءة القرآن المجيد بصوت شجي أخاذ يأسر الألباب ويأخذ بمجامع القلوب، وكالإبداع في فن المديح والسماع، وفن الإنشاد الديني، وفن الملحون الهادف،  ونحو ذلك مما جرت به العادة لدى بعض القيمين الدينيين الذين يتعاطون لمثل هذ النوع من الفنون، وباللغات والأشكال المختلفة.

    2. كل ما يرتبط بميدان الفن التشكيلي، ليشمل الرسم بكل أشكاله وألوانه، ويشمل الخط العربي بكل خصائصه الجميلة وصوره الخلابة، ويشمل أيضا النقش بكل دقائقه وتفاصيله المبهرة.
    3. يضاف إلى ذلك فنون أخرى مرتبطة بالصناعة التقليدية، كالخياطة والحياكة والطرز، وأيضا تلك التي ترتبط بالنجارة والحدادة والخزف والفخار... وما أشبه ذلك، مما أن شأنه أن يظهر لنا الوجه الآخر للقيم الديني المبدع الذي يجتهد في تنويع مصادر عيشه ويعدد من مداخله طلبا لحياة كريمة له ولأسرته، ويظهر لنا من جهة أخرى أيضا، مدى صلة حاضر القيمين الدينيين بماضيهم، إذ إن التاريخ حافل بنماذج من القيمين الذين كانوا يتعاطون لبعض الحرف والصنائع التي تضمن لهم حياة كريمة وتغنيهم عن استعطاف الناس واستجدائهم.

  تلكم إذن هي أبرز المعالم الكبرى لمشروع "إبداعات القيمين الدينيين من الاكتشاف إلى الاستثمار الأمثل"، تقدمه المؤسسة بين يدي القيمين الدينيين لكي يكون حافزا لهم على تنمية الحس الإبداعي لديهم في المجالات المذكورة وفي غيرها؛ وهي إذ تقدم هذا العمل، لتنتظر بشوق كبير إسهاماتهم ومشاركاتهم الإبداعية لعلها تكون نقطة تحول كبرى في مسار بناء الورش الكبير الذي نطمح إليه، وهو الإسهام في بناء كرامة القيم الديني وإبراز دوره الريادي في خدمة بيوت الله تعالى وفي إصلاح المجتمع.

فضـــاء الإحســـان المباشــــر

الوحدات الإدارية الجهوية للمؤسسة

حصيلة المنجزات

النشرة البريدية

النشرة البريدية الخاصة بالمؤسسة

عدد زوار الموقع

اليوم 107

الأمس 430

الأسبوع 537

الشهر 7095

الكل 1018052

تحقق من أحدث مقالتنا حول Rكود خصم Melbet ومراجعة لمصر